للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلق، وأما كون زيد بعينه وعمرو قامت عليه الحجة أم لا، فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وعباده فيه.

بل الواجب على العبد أن يعتقد: أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر، وأن الله تعالى لا يعذب أحدًا إلاَّ بعد قيام الحجة عليه بالرسول، هذا في الجملة، والتعيين موكول إلى علم الله، وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب، وأما أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر، فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم.

وبهذا التفصيل يزول الإشكال في هذه المسألة وهو مبني على أربعة أصول:

أحدها: أن الله سبحانه لا يعذب أحدًا إلاَّ بعد قيام الحجة عليه كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: ١٥]، وقال: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥]، وذكر آيات ثم قال: وقال تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [الزخرف: ٧٦].

والظالم: من عرف ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو تمكن من معرفته ثم خالفه وأعرض عنه، وأما من لم يكن عنده من الرسول علم أصلاً، ولا تمكن من معرفته بوجه، وعجز عن ذلك فكيف يقال أنه ظالم.

الأصل الثاني: أن العذاب يستحق بشيئين:

أحدهما: الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها.

الثاني: العناد لها بعد قيامها، وترك إرادة موجبها.

فالأول: كفر إعراض، والثاني: كفر عناد.

وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها، فهذا هو الذي نفى الله التعذيب عليه حتى تقوم حجته بالرسل.

الأصل الثالث: أن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة

<<  <   >  >>