للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانظر كلامه في التفرقة، بين المقالات الخفية، وبين ما نحن فيه، في كفر المعيَّن، وتأمل تكفيره رءوسهم، فلانًا وفلانًا بأعيانهم، وردتهم ردة صريحة وتأمَّل تصريحه بحكاية الإجماع على ردة الفخر الرازي عن الإسلام، مع كونه عند علمائكم من الأئمة الأربعة، هل يناسب هذا لما فهمت من كلامه: أن المعيَّن لا يكفر، ولا دعا عبد القادر في الرخاء والشدة، ولو أحب عبد الله بن عون، وزعم أن دينه حسن، مع عبادته أبي حديدة، ولو أبغضك واستنجسك - مع أنك أقرب الناس إليه - لما رآك ملتفتًا بعض الالتفات إلى التوحيد، مع كونك توافقهم على شيء من شرطهم، وكفرهم؟! ...

فتأمل كلامه، وأعرضه على ما غرَّك به الشيطان، من الفهم الفاسد، الذي كذبت به الله ورسوله، وإجماع الأمة، وتحيَّزت به على عبادة الطواغيت، فإن فهمت هذا، وإلاَّ أشير عليك أنك تكثر من التضرع والدعاء، إلى من الهداية بيده، فإن الخطر عظيم، فإن الخلود في النار جزاء الردة الصريحة، ما يسوى بضيعة تربح تومان أو نصف تومان» (١).

ولقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة، بفهم جمهور أهل العلم على أن: من عبد غير الله يكون مشركًا، ويعيَّن بالكفر إذا قامت الحجة عليه، ولقد قطع أئمة الدعوة بخروجه من الملة ولو لم تقم عليه الحجة، وأما ما دون ذلك من القدر فالردة فيه متوقفة على قيام الحجة ووضوح المحجة.

قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمهما الله تعالى:

«وكيف لا يحكم الشيخان - أي: ابن تيمية وابن القيم - على أحد بالكفر، أو الشرك، وقد حكم به الله ورسوله، وكافة أهل العلم؟

وهذان الشيخان يحكمان: أن من ارتكب ما يوجب الكفر والردة والشرك


(١) «الدرر السنية»: (١٠/ ٦٣، ٧٤).

<<  <   >  >>