للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعام، ولا ينكره إلاَّ مكابر مبخوس الحظ: أن الصحابة يظهرون دينهم، وقد بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن لا تأخذهم في الله لومة لائم، وإنكارهم - رضي الله عنهم - وأرضاهم باللسان، على من أحدث حدثًا أو فعل منكرًا معروف مشهور ....

(قيد مهم في الفرق بين السفر إلى ديار المشركين الأصليين، وديار المشركين المرتدين)

ومن المعلوم: أن النصارى والمجوس يعلمون أن العرب على غير دينهم، حتى في الجاهلية، والعرب يعلمون أن هؤلاء على غير دين، فالكل منهم متميز عن الآخر بدينه، خصوصًا بعد البعثة، فإنه من المعلوم: أن أهل الإسلام يكفِّرونهم، لا يشك في ذلك أهل الكتاب ولا غيرهم، بخلاف عباد القبور اليوم وأشياعهم.

فإنهم ينتسبون إلى الإسلام، ويتلفَّظون بالشهادتين، وغالبهم يصلي ويصوم ويحج، ومن لا يفعل ذلك قد يعظم من يفعل ذلك ويرى فضله، ومع هذا كله، فحالهم كما تقدم قريبًا، من صرفهم خالص حق الله لمعبوداتهم، ولو علموا ممن يسافر إلى ديارهم، أنهم على غير دينهم، وأنهم يكفِّرونهم، لأوقعوا بهم الفتنة، ولآذوهم، فقياس هؤلاء الكفرة على أولئك، من القياس الباطل المردود، مع أن السفر إلى ديار هؤلاء وهؤلاء ممنوع، لكن أهل الكتاب والمجوس، يعلمون أنهم على غير دينهم، بخلاف عباد القبور، فإنهم يظنون أن من سافر إلى بلادهم على دينهم.

إذا تبين هذا، وعلمته، فسفر أبي بكر - رضي الله عنه -، كان مع إظهار دينه، ومن أظهر دينه كما ينبغي، فلا مانع من سفره إن أمن على نفسه ودينه» (١).


(١) «الدرر السنية»: (٨/ ٤٦٧ - ٤٧١).

<<  <   >  >>