قلت: ظاهر هذا الخطاب، لمن ثبت إسلامه، ولم يصدر منه ما يناقضه، من الموالاة والنصرة، والإعانة بالنفس والمال، والدلالة على عورات المسلمين، وتمجيد المشركين في المنابر والمحافل، والانحناء، وخضع الرأس عند رؤيتهم، كل هذه الأشياء، أعظم مما نحن فيه، ويحكم على من فعلها بحكم الله فيه» (١).
وبيَّن الشيخ سليمان بن سحمان: وجوب الهجرة على العبد من ديار المشركين، والبعد عنهم، وعدم مساكنتهم ومجامعتهم، ثم أخذ رحمه الله يصف أحوالاً لكثير من مشركي زمانه، ثم جزم بأن هذه الأوصاف متى علت دارًا من الديار، تكون دار شرك يحرم السفر إليها، ومساكنة أهلها ومجامعتهم، ثم أعقب ذلك بذكر شبهة في هذا الشأن لبعض المنتسبين لطلب العلم، ثم استعرض الردود عليها، فقال رحمه الله:
«وقد نقل إلينا عن بعض من ينتسب إلى طلب العلم: أن يبيح السفر مطلقًا إلى من هذا دينه، وهذه نحلته، وهذه حال بلده، مستدلاً بسفر أبي بكر - رضي الله عنه - إلى بُصرى في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليه سفره، وأن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يكن يظهر دينه، وليس هذا الجهل بغريب ممن لم يعرف كفر هؤلاء، وأن أبا جهل وأشياعه ما وصل كفرهم إلى ساحل هذا الكفر العظيم، ولا عرف أن بلادهم بلاد كفر والحالة هذه.
ولكن الذي يعلم به من نصح نفسه، وأراد نجاتها: أن الاستدلال لجواز سفر عوام الناس، الذين لا يعرفون ما أوجب الله عليهم، من معاداة المشركين، ومباداتهم بالعداوة والبغضاء، والتصريح لهم بالبراءة منهم، ومما يعبدون، بسفر أبي بكر - رضي الله عنه -، من دسائس الشيطان، فإن من المعلوم عند الخاص