ولا يرث مسلم كافرًا، ولا كافر مسلمًا، ثم قرأ قوله تعالى:{وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}[الأنفال: ٧٣]».
ثم ذكر عن الزهري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخذ على رجل دخل في الإسلام، فقال:«تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتصوم رمضان، وإنك لا ترى نار مشرك إلاَّ وأنت له حرب»، وهذا مرسل من هذا الوجه، وقد روي متصلاً من وجه آخر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«أنا بريء من كل مسلم بين ظهراني المشركين، لا تتراءا نارهما».
ثم ذكر عن سمُرة بن جندب، أما بعد: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله»، وقوله تعالى:{وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}[الأنفال: ٧٣]، أي: إن لم تجانبوا المشركين، وتوالوا المؤمنين، وإلاَّ وقعت الفتنة في الناس، وهو التباس الأمر، واختلاط المسلم بالكافر، وفي ذلك ضعف للدِّين، وقوة للكافرين.
قال: يقول تعالى: لا تتخذوا بطانة وأصدقاء، تفشون إليهم أسراركم، وتؤثرون المقام معهم على الهجرة.
قال ابن عباس - رضي الله عنه -: لما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالهجرة إلى المدينة، فمنهم من نفر وبادر، ومنهم من تعلَّق به أهله وأولاده، يقولون له: ننشدك بالله أن لا تضيعنا، فيرق لهم فيقيم عليهم ويدع الهجرة، فأنزل الله هذه الآية، فنهوا عن القيام مع المشركين، وتكثير سوادهم، وأخبر أن إيثار هذه الأصناف الثمانية، على ما أمر الله به من الهجرة، معصية لله ورسوله، فقال:{فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة: ٢٤].