[النساء: ٩٧]. قال: فكتبوا إلى من بقي من المسلمين بمكة بهذه الآية: أن لا عذر لهم، فخرجوا، فلحقم المشركون فأعطوهم الفتنة، فنزلت هذه الآية:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ ...} إلى آخر الآية [العنكبوت: ١٠]، فكتب المسلمون إليهم بذلك، فخرجوا وأيسوا من كل خير.
ثم نزلت فيهم:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}[النحل: ١١٠]، فكتبوا إليهم بذلك: أن الله قد جعل لكم مخرجًا، فخرجوا فأدركهم المشركون، فقاتلوهم حتى نجا من نجا، وقتل من قتل.
فانظر قول المسلمين: كان أصحاب هؤلاء مسلمين وأكرهوا، فاسغفروا لهم، فنزلت:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ...} الآية [النساء: ٩٧]، وظاهرها أنهم نهوا عن الاستغفار الدعاء، لمن قد مات مع سواد المشركين، ولو كان مسلمًا، فما أعز من يتفطن لهذه المسألة، بل ما أعز من يعتقدها دينًا ....
(وجوب تولي المؤمنين، والبراءة من المشركين)
وقال ابن كثير أيضًا، في تفسير قوله تعالى:{وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}[الأنفال: ٧٣].
وهذا هو الصنف الثالث من المؤمنين، وهم الذين آمنوا ولم يهاجروا، نهى الله نبيه أن يجعلهم كالمهاجرين في المغنم وغير ذلك، مما يقتضي الولاية.