فلم يعذر الله إلاَّ من لا يستطع حيلة ولا يهتدي سبيلاً، ولكن قلَّ أن يوجد اليوم من هو كذلك، إلاَّ أن يشاء الله، بل الغالب: أن المشركين لا يدعونه بين أظهرهم، بل إما قتلوه، وإما أخرجوه إن وجدوا إلى ذلك سبيلاً.
وأما إن لم يكن له عذر، وجلس بين أظهرهم، وأظهر لهم أنه منهم، وأن دينهم حق، ودين الإسلام باطل، فهذا كافر مرتد، ولو عرف الدين بقلبه، لأنه يمنعه عن الهجرة محبة الدنيا على الآخرة، ويتكلَّم بكلام الكفر من غير إكراه، فدخل في قوله تعالى:{مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[النحل: ١٠٦، ١٠٧]» (١).
وسئل الشيخ محمد بن عبد اللطيف:
«ما يقال في الهجرة من بين ظهراني المشركين من البادية والحاضرة، وفضلها، وما الواجب منها، وما المستحب، وهل بين بادية نجد وغيرهم كعنزة والظفير، ومن والاهم من بادية الشمال ومن جنوب إلى ما لا يخفى على المسؤول.
الجواب: الهجرة من واجبات الدين ومن أفضل الأعمال الصالحة، وهي سبب لسلامة دين العبد وحفظ لإيمانه وهي أقسام:
الأول: هجر المحرَّمات التي حرَّمها الله في كتابه وحرمها رسوله - صلى الله عليه وسلم - على جميع المكلَّفين، وأخبر أن من هجرها فقد هجر ما حرَّمه الله عليه. وقد