للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقال: بأي كتاب، أم بأية حجة أن الجهاد لا يجب إلاَّ مع إمام متبع؟!

هذا من الفرية في الدين، والعدول عن سبيل المؤمنين، والأدلة على إبطال هذا القول أشهر من أن تذكر، من ذلك عموم الأمر بالجهاد، والترغيب فيه، والوعيد في تركه، قال تعالى: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ} [البقرة: ٢٥١]، وقال في سورة الحج: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ} [الحج: ٤٠].

وكل من قام بالجهاد في سبيل الله، فقد أطاع الله وأدَّى ما فرضه الله، ولا يكون الإمام إمامًا إلاَّ بالجهاد، لأنه (١) لا يكون جهاد إلاَّ بإمام، والحق عكس ما قلته يا رجل، وقد قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ...} الآية [سبأ: ٤٦]، وقال: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ} [العنكبوت: ٦].

وفي الحديث: «لا تزال طائفة» الحديث، والطائفة بحمد الله موجودة مجتمعة على الحق، يجاهدون في سبيل الله، لا يخافون لومة لائم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤] إلى قوله: {ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: ٥٤]، أي: واسع الفضل والعطاء، عليم بمن يصلح للجهاد.

والعبر والأدلة على بطلان ما ألفته، كثير في الكتاب والسنة والسير والأخبار، وأقوال أهل العلم بالأدلة والآثار، لا تكاد تخفى على البليد إذا (٢) علم بقصة أبي بصير، لما جاء مهاجرًا فطلبت قريش من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرده إليهم، بالشرط الذي كان بينهم في صلح الحديبية، فانفلت منهم حين قتل المشركين، اللذين أتيا في طلبه.


(١) هكذا في الأصل وإن كان السياق يقتضي: لأنه ... والله تعالى أعلم.
(٢) بياض بالأصل (هكذا في الأصل).

<<  <   >  >>