للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرجع إلى الساحل لما سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ويل أمِّه مسعر حرب، لو كان معه غيره»، فتعرَّض لعير قريش - إذا أقبلت من الشام - يأخذ ويقتل، فاستقل بحربهم دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنهم كانوا معه في صلح - القصة بطولها - فهل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخطأتم في قتال قريش، لأنكم لستم مع إمام؟

سبحان الله ما أعظم مضرة الجهل على أهله؟ عياذًا بالله من معارضة الحق بالجهل والباطل، قال الله تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الشورى: ١٣] ....

ولا ريب: أن فرض الجهاد باق إلى يوم القيامة، والمخاطب به المؤمنون، فإذا كان هناك طائفة مجتمعة لها منعة، وجب عليها أن تجاهد في سبيل الله بما تقدر عليه، لا يسقط عنها فرضه بحال، ولا عن جميع الطوائف، لما ذكرت من الآيات، وقد تقدم الحديث: «لا تزال طائفة» الحديث.

فليس في الكتاب والسنَّة ما يدل على أن الجهاد يسقط في حال دون حال، ولا يجب على أحد دون أحد، إلاَّ ما استثني في سورة براءة (١)، وتأمل قوله: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ} [الحج: ٤٠]» (٢).

* * *


(١) يشير إلى قوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ} [التوبة: ٩١، ٩٢].
(٢) «الدرر السنية»: (٨/ ١٩٩ - ٢٠٣).

<<  <   >  >>