والمجمل من الألفاظ، وأقوال من قد ضلُّوا من قبل وأضلُّوا كثيرًا وضلُّوا عن سواء السبيل، وأصول المثلِّثة ومقالاتهم في رب العالمين تخالف هذا كله وتباينه أشد المخالفة والمباينة. انتهى.
فقف وتأمل الأصول وأولها، وهو أنه تعالى لا شريك له ولا ندَّ ولا شافع إلاَّ من بعد إذنه، ووازن بينه وبين قول العراقي: إنَّ هذه المسائل (١) التي لا تعلم يعذر العلماء في جهلها أحدًا، وهل يقول من يعقل إنَّ هذه المسائل من المسائل الاجتهادية. فإن كان هذا القول صحيحًا فليهن النصارى عبَّاد الصليب اجتهادهم المنجي عند هذا العراقي، وكذا عبَّاد الأوثان، والجهمية المعطلة، والقدرية النفاة، والقدرة المجبرة، والرافضة المارقة، فإنهم قالوا بتلك الأقوال الضالة، واعتقدوها عن رأي لهم واجتهاد وشبهة تصوروها، كما قال هذا الشيخ: فترك المثلِّثة عبَّاد الصليب هذا كله وتمسَّكوا بالمتشابه.
قال تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً}[الكهف: ١٠٣].
وقال تعالى:{بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ}[الرعد: ٣٣].
وقال تعالى:{وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ}[الأنعام: ١٣٧].
وقال تعالى:{كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}[الأنعام: ١٠٨].
والتزين: يتناول ما تمسَّكوا به من الشبه والمتشابه واعتقاد حُسنه، وأنه لا ينكر ولا يلزم بسواه.
ثم هذا مخالف للإجماع، ولو في فروع الدين، فإن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على الإنكار على المخطئ المخالف للنص في مسائل كثيرة،
منها: ما وقع من قدامة بن مظعون وأصحابه لما استحلُّوا الخمر باجتهاد
(١) أي مسائل التوحيد الواجبة بالعقل والفطرة وكافة الشرائع.