للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمعناها، عاملاً بمقتضاها باطنًا وظاهرًا، كما دلَّ عليه قوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} [محمد: ١٩] وقوله: {إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦]. أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا عمل بمقتضاها، فإن ذلك غير نافع بالإجماع.

وفي الحديث ما يدلّ على هذا، وهو قوله: «من شهد» إذ كيف يشهد وهو لا يعلم، ومجرد النطق بشيء لا يسمَّى شهادة به ...

وقد دخل في الإلهية جميع أنواع العبادة الصادرة عن تأله القلب لله بالحب والخضوع والانقياد له وحده لا شريك له، فيجب إفراد الله تعالى بها، كالدعاء والخوف والمحبة، والتوكل والإنابة، والتوبة، والذبح، والنذر، والسجود، وجميع أنواع العبادة، فيجب صرف جميع ذلك لله وحده لا شريك له، فمن صرف شيئًا مما لا يصلح إلاَّ لله من العبادات لغير الله، فهو مشرك ولو نطق بـ لا إله إلاَّ الله، إذ لم يعمل بما تقتضيه من التوحيد والإخلاص» (١).

وقال عبد الرحمن بن حسن في شرحه لكتاب التوحيد رحمه الله تعالى:

قوله: «وَلَهُما» أي البخاري ومسلم، وهذا حديث طويل اختصره المصنف وذكر منه ما يناسب الترجمة وهو قوله: «من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله»، وهذا هو حقيقة معناها الذي دلَّت عليه هذه الكلمة من الإخلاص ونفي الشرك، والصدق والإخلاص متلازمان لا يوجد أحدهما بدون الآخر، فإن من لم يكن مخلصًا فهو مشرك، ومن لم يكن صادقًا فهو منافق، والمخلص أن يقولها: مخلصًا الإلهية لمن لا يستحقها غيره وهو الله تعالى، وهذا التوحيد هو أساس الإسلام ...

وهذا بخلاف من يقولها، وهو يدعو غير الله ويستغيث به من ميت أو غائب لا ينفع ولا يضر، كما ترى عليه أكثر الخلق فهؤلاء وإن قالوها، فقد تلبسوا


(١) «تيسير العزيز الحميد»: (٥١ - ٥٣).

<<  <   >  >>