بما يناقضها فلا تنفع قائلها إلاَّ بالعلم بمدلولها نفيًا وإثباتًا، والجاهل بمعناها وإن قالها لا تنفعه لجهله بما وضعت له الوضع العربي الذي أريد منها من نفي الشرك، وكذلك إذا عرف معناها بغير تيقن له، فإذا انتفى اليقين وقع الشك.
ومما قيدت به في الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: «غَيرَ شاكٍّ» فَلا تَنْفَعُ إلاَّ من قالها بعلم ويقين لِقَوْلِهِ صِدْقًا مِنْ قَلبِهِ خالِصًا مِنْ قَلبِهِ، وكذلك من قالها غير صادق في قوله، فإنها لا تنفعه لمخالفة القلب اللسان، كحال المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وكذلك حال المشركين فلا تقبل من مشرك لمنافاة الشرك للإخلاص، ولما دلَّت عليه هذه الكلمة مطابقة، فإنَّها دلَّت على نفي الشرك والبراءة منه، والإخلاص لله وحده لا شريك له مطابقة، ومن لم يكن كذلك لم ينفعه قوله: لا إله إلاَّ الله، كما هو حال كثير من عبدة الأوثان يقولون: لا إله إلاَّ الله وينكرون ما دلَّت عليه من الإخلاص، ويعادون أهله وينصرون الشرك وأهله، وقد قال الخليل - عليه السلام - لأبيه وقومه:{إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}[الزخرف: ٢٦ - ٢٨]، وهي: لا إله إلا الله» (١).
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، في بيان معاني ومقتضيات النفي والإثبات لكلمة التوحيد:
«أعلم رحمك الله، أن معنى لا إله إلاَّ الله نفي وإثبات، تنفي أربعة أنواع وتثبت أربعة أنواع: تنفي الإلهية، والطواغيت، والأنداد، والأرباب.
فالإلهية: ما قصدته بشيء من جاب خير أو دفع ضر فأنت متَّخذه إلهًا.
والطواغيت: من عبد وهو راض أو رشح للعبادة، مثل السمان أو تاج أو أبي حديدة.