وهذه الطائفة كما قال العلماء: يجوز أن تكون متعددة من أنواع الأمة: ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومفسر ومحدث وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وزاهد وعابد، ولا يلزم اجتماعهم ببلد واحد.
فإذا زالت هذه الطائفة زال معها الحق، وعندها تقوم الساعة، ولا تقوم إلا على شرار الخلق.
- وعليه: فتنزيل أحاديث الطائفة المنصورة على فئة معينة من الأمة دون غيرها خطأ؛ لما يترتب على ذلك من تجهيل الآخرين والتقليل من شأنهم رغم أنهم قد يكونون من هذه الطائفة المعنية في الأحاديث.
- فإن قال قائل: فما تقولون فيما ورد عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال عن هذه الطائفة: (إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم)، فإنه رحمه الله قد حصر هذه الطائفة في أهل الحديث دون غيرهم.
فالجواب: هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حين بين المراد بأهل الحديث فقال كما في مجموع الفتاوى (٤/ ٩٥): (ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه أو كتابته أو روايته بل نعني بهم: كل من كان أحق بحفظه ومعرفته وفهمه ظاهرا وباطنا، واتباعه باطنا وظاهرا وكذلك أهل القرآن، وأدنى خصلة في هؤلاء: محبة القرآن والحديث والبحث عنهما وعن معانيهما والعمل بما علموه من موجبهما، ففقهاء الحديث أخبر بالرسول صلى الله عليه وسلم من فقهاء غيرهم، وصوفيتهم أتبع للرسول - صلى الله عليه وسلم - من صوفية غيرهم، وأمراؤهم أحق بالسياسة النبوية من غيرهم، وعامتهم أحق بموالاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من غيرهم). اهـ.
فبان من كلامه رحمه الله أن أهل الحديث طائفة تحوي أنواعا من الأمة، فمنهم العالم والمجاهد والعابد والحاكم بل والعامي أيضا، وهذا موافق لما نقلناه عن غيره من أهل العلم كما في أول المسألة.