وذلك بأن يرسل سبحانه في آخر الزمان ريحا طيبة تقبض أرواح عباده المؤمنين قبضا يسيرا، حتى لا يبقى على الأرض منهم أحد. ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يبعث ريحا من اليمن ألين من الحرير، فلا تدع أحدا في قلبه مثقال حبة ـ وفي لفظ: مثقال ذرة من إيمان إلاّ قبضته)).
وفيه وفي المسند من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه ـ الطويل في قصة الدجال ـ وفيه:((فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر؛ فعليهم تقوم الساعة)).
رابعا: أن الله تعالى يجعل لها في بعض الفتن الكبار علامات تعرفها بها، حتى لا تقع في الخطأ والزلل.
كما ورد في الدجال، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وصفه وصفا تاما كما قدمنا، وهذه الصفة التي وصف بها هي إحدى العلامات التي يعرفه الناس بها، وعلامة أخرى: أن الله تعالى يجعل بين عينيه كلمة فاضحة له وهي (كافر) يقرؤها كل مؤمن كاتب وغير كاتب كما في صحيح مسلم، والظاهر أن هذه العلامة خاصة بهذه الأمة دون غيرها حفظا لها وتثبيتا، بخلاف العلامة التي هي صفة له فإنه يشترك فيها جميع الناس.
ومثل ذلك المهدي الذي سيخرجه الله للأمة في آخر الزمان، فإنه قد وصف كذلك أتم الوصف وأبينه كما مر، وحتى لا يلتبس بغيره بسبب الاشتراك في بعض الصفات جعلت له علامة أخرى عند خروجه هي من الظهور وعدم الالتباس بمكان، ألا وهي الخسوف بالجيش الذي يؤم البيت لمحاربته كما ورد في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام.
خامسا: ومن ألطاف الله تعالى بهذه الأمة عند الفتن: أنه يقيض لها في آخر الزمان عند اشتداد الفتن وتعاظمها من يقودها، من عباده الصالحين.
فالمهدي مثلا يخرجه الله في وقت تشتد فيه الأمور وتكثر فيه الفتن،