أن الفتن متفاوتة منها الصغير ومنها الكبير، ومنها الخاص ومنها العام:
دليل ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي إدريس الخولاني رحمه الله أنه كان يقول: قال حذيفة بن اليمان: والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسر إلي في ذلك شيئا لم يحدثه غيري، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن:(منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا، ومنهن فتن كرياح الصيف منها صغار ومنها كبار) قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري.
وقد قدمنا في المسألة (الأولى) حديث حذيفة رضي الله عنه لما سأله عمر عن الفتن فبين له أولا الفتن الخاصة بالإنسان في أهله وماله وولده وجاره، ثم سأله عن الفتنة العامة التي تموج كما يموج البحر فأخبره بها.
وفي مصنف ابن أبي شيبة (٨/ ٦٧٢) والسنن الواردة في الفتن لأبي عمرو الداني (١/ ٢٨٤) عن طاووس بن كيسان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال لما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه: (إنما هذه حيصة من حيصات الفتن وبقيت الرداح المطبقة التي من ماج بها ماجت به ومن أشرف لها استشرفت له)