ويدل أيضا: على أصل الإسلام في التباعد عن الفتن، وعدم تكثير سواد أهلها، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وعلى ما سبق فلا يصح الإنكار على من ترخص بشيء من تلك الرخص التي ذكرت، ولا التضييق عليه بسببها.
وقبل ختم المسألة يحسن بنا التنبيه على أمرين مهمين:
الأول / أن ما ذكرناه في هذه المسألة إنما هو رخصة شرعية مقدّرة بقدرها، لكن لو صبر الإنسان وصابر على العبادة والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعلم والتعليم، فإن ذلك خير له، وله أجر ما يصيبه من الأذى والبلاء، وقد تقدم معنا في المسألة (الثالثة عشرة) قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((العبادة في الهرج كهجرة إليّ)) أخرجه مسلم.
الثاني / أننا قد قدمنا في المسألة (الثالثة) اختلاف الفتن صغرا وكبرا خصوصا وعموما، وبنينا عليه هناك: أن لكل فتنة نظرا خاصا بها، وعليه هنا: فإن هذه الرخص أيضا يختلف الأمر فيها من فتنة إلي أخرى، بل ومن شخص إلى آخر .... والله تعالى أعلى وأعلم.