أبي بكرة رضي الله عنه وقد تقدم في المسالة الرابعة وفيه:(ألا فإذا نزلت أوقعت ـ أي الفتن ـ فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه ...) الحديث.
وفي وصيته - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو وقد مرت:(٠ وعليك بأمر خاصتك وإياك وعوامهم)).
وأكثر ما تتأكد العزلة في الفتن لأحد صنفين:
أحدهما: من خشي على دينه أن يفتن فيه، ويحول عنه.
الثاني: من كان ذا بأس وشدة يخشى على الناس منه ومن بأسه، ومثله صاحب الرأي والمشورة والدهاء، الذي يخشى على الناس من رأيه. ولذا ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال لما ذكرت عنده الفتن وسئل: أي أهل ذلك الزمان شر؟ قال:(كل خطيب مسقع، وكل راكب موضع) نقله عنه البغوي في شرح السنة (١٥/ ١٦).
وإنما كان الأمر كما قال: لأن الأول محرض على الفتنة بلسانه، والآخر بسنانه، فاجتمع الشران: شر القول، وشر العمل.
إذا: فالعزلة في الفتن: عند خوف الضررين: القاصر والمتعدي.
فإن قيل: فما فائدة العزلة وقت الفتن؟
فالجواب: أمور:
منها: صيانة الدين عن المساس، والنفس عن التلف والعرض عن الضيم والانتهاك والمال عن الضياع، وقل من شارك في فتنة من الفتن وسلمت له هذه كلها.
ومنها: سلامة الصدر على المسلمين، ولذا جاء عن سعد رضي الله عنه كما تقدم أنه أمر أهله إلاّ يخبروه بشيء من أخبار الناس لما وقعت الفتنة حتى يجتمعوا على إمام، وإنما كان الأمر كذلك: لأن من شارك في الفتن مع فئة