للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففهمنا من هذا الحديث أن باب الفتن إذا فتح لا يغلق، فتكثر الفتن وتختلف الأمور ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.

والأحاديث الدالة على لزوم وقوع الفتن في هذه الأمة كثيرة جدا ولعله يمر علينا في أثناء الرسالة طرفا منها.

فإذا علمنا هذا وتيقناه ـ وهو أن الفتن واقعة لا محالة: فلا بد من الاستعداد لها بالعلم والعمل جميعا:

أما العلم: فلأنه سيقل ويرفع كما في الصحيحين من حديث ابن مسعود وأبي موسى رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن بين يدي الساعة لأياما: ينزل فيها الجهل، ويرفع فيها العلم، ويكثر فيها الهرج؛ والهرج القتل).

وسبب قلة العلم في آخر الزمان أمور:

أولها: موت العلماء الذين هم حملته وأهله كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس؛ ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).

الثاني: زهد الناس في العلم النافع وانصرافهم عنه وان كان موجودا. كما هو مشاهد في زماننا هذا من عزوف كثير من الناس عن العلم الشرعي، ورغبتهم عنه وعن معاهده وكلياته.

الثالث: ترك العمل به. والتحاكم إلى غيره، عن زياد بن لبيد رضي الله عنه قال: ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا فقال: (ذاك أوان ذهاب العلم) قلت: يا رسول الله وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ قال: (ثكلتك أمك يا زياد إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة، أوليس اليهود والنصارى يقرأون التوراة والإنجيل لا يعملون بشيء مما فيهما) أخرجه ابن ماجة

<<  <   >  >>