أن صاحب الشريعة كما بين لنا الفتن؛ بين لنا المخرج منها وكيفية التعامل معها، مما يدل أعظم الدلالة على كمال الشريعة، حيث بينت الداء ,وأبانت عن الدواء، فمن ذلك:
أولاً: أنها أمرت بالصبر، ففي البخاري عن أسيد بن حضير رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله: استعملت فلانا ولم تستعملني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنكم سترون بعدي أثرة ـ وفي لفظ ـ ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني)).
وفي المسند عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:((لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة، فأعدوا للبلاء صبرا)).
ففي الحديث أمر بالإعداد للفتن صبرا، ولا يكون ذلك الإعداد إلاّ بترويض النفوس، وتعويدها على الصبر والمصابرة، وإنما الحلم بالتحلم، والعلم بالتعلم، ومن يتصبر يصبره الله.
وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبر أوسع العطاء فقال كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري:((وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر))، وذلك أن الصبر لا يعقبه إلا السعة واليسر قال تعالى:((فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا))، ولذا قال عمر رضي الله عنه:(أدركنا خير عيشنا بالصبر)، وقديما قيل:
أَمَا والذي لا خلد إلا لوجهه ... ومن ليس في العز المنيع له كفو