لئن كان بدء الصبر مُراً مذاقه ... لقد يجتنى من غبه الثمر الحلو
وفي الفتن تظهر العجلة، وتخف العقول، وتختلط الأمور، والصبر كاشف لذلك كله وذلك لامور:
أولها: أن الله تعالى أخبر أنه مع الصابرين فقال: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين}، ومن كان الله معه أنزل عليه سكينته وثبت قلبه كما قال تعالى عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا؛ فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ..} الآية.
والسكينة هي هدوء النفس وطمأنينة القلب، المفضية إلى حسن التصرف وسلامة التدبير، فإذا نزلت السكينة انجفلت الفتنة، وإذا رفعت السكينة، وضعت الفتنة.
الثاني: أن الله تعالى أخبر بمحبته للصابرين فقال: {والله يحب الصابرين} ومن أحبه الله عصمه وثبته، وأراه الحق حقا، ورزقه إتباعه، وأراه الباطل باطلا ورزقه اجتنابه؛ ولذا ورد في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب ألي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن استعاذني لأعيذنه ..))، فمن أحبه الله حفظ له سمعه وبصره ويده وقدمه وما أحوج الناس وقت الفتن إلى حفظ تلك الجوارح ... والموفق من وفقه الله.
الثالث: أن الله تعالى جعل للصابرين ثلاث بشارات جزاء صبرهم فقال: ((وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا: إنا لله وإنا أليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم