فإن قيل: أفلا يجوز الترخص في رواية هذه الأحاديث، وبثها في الناس، لأنها لا تتعلق بشيء من الحلال والحرام؟
قيل لا يجوز ذلك لأمرين:
أولهما: أن تلك النصوص التي يراد الترخيص في روايتها ونشرها مع ضعفها وإن كانت لا تتعلق بالحلال والحرام؛ إلاّ أنها تتعلق بأمور عامة بالأمة، يترتب عليها من الأحكام والأحوال بل والأفعال مالا يعلمه إلاّ الله تعالى، فإذا ذكرت ونشرت وقعت بسببها محن وزلازل، وفتن وقلاقل .. وليس الناس كلهم علماء يعرفون، ولا عقلاء يكفّون، بل كثير منهم همج رعاع، يسمعون فيصدقون.
الثاني: أن كثيرا مما تخبر به أمثال هذه النصوص: أمور مستقبلية غيبية لا يعلمها إلا الله تعالى، فالخوض فيها اعتمادا على مثل تلك الروايات غير جائز شرعا، إذ هو من التخرص والظنون والرجم بالغيب .. والله المستعان.
فإذا كان الأمر كذلك: بان لنا خطورة الاعتماد على مثل تلك النصوص، ومن ثم العمل بها، ونشرها بين الناس.
تنبيهات:
أولها: لا يعني ما قدمناه في هذه المسألة أن الفتن والملاحم لم يثبت فيها شيء عن نبينا - صلى الله عليه وسلم -، كلا .. بل قد ثبت فيها الكثير الطيب عنه عليه الصلاة والسلام مما هو موجود في دواوين الإسلام المشهورة المعروفة، والتي تداولها العلماء دراسة وتمحيصا، وشرحا وتخريجا والحمد لله.
الثاني: أنه كما تساهل قوم في الأخذ بكل ما هب ودرج مما يروى في الفتن والملاحم، غلا قوم في الرد والجفا حتى أنكروا ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها إما اجتهادا بحسن نية، وإما مكيدة وسوء طوية.
فوجد من أنكر خروج الدجال وظهور المهدي ونزول عيسى عليه