للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أي أرض درج؛ فجريمة يسأل صاحبها عنها، مفضية إلى الندامة في الدنيا قبل الآخرة.

وعليه: فإن من أعظم ما تدفع به الفتن، التثبت والتبين في الأخبار، لاسيما إذا كان الخبر متعلقا بعموم الأمة، أو برأس من رؤوسها، وليعلم أن مجرد الثقة في الناقل لا تكفي بمفردها وذلك لما يعتري النفوس من الهوى والشهوة ونفث الشيطان.

ثم لو فرض صحة الخبر يقينا، فإنه يبقى بعد ذلك النظر في مصلحة نشره من عدمها، فإنه ليس كل ما يعلم يقال، وإن من الأخبار مالا يلقى إلاّ إلى الخاصة الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون.

وليعلم أيضا أن هتك الأستار، ليس من الإصلاح في شيء، إذ إن الله تعالى أمر بالستر والنصح، وأمره سبحانه هو الصلاح والإصلاح بعينه، فما خالفه فليس من الإصلاح في شيء كما قلنا.

إن المنهج الحق: هو التناصح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع شفقة على المنصوح وحزن عليه يقتضي تمام السعي في إصلاحه وإن كان جبارا عنيدا، وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - المقتول بسبب كلمة الحق من أعظم الشهداء عند الله، لكنه لم يجعل لهاتك الأستار إلاّ الفضيحة في الدنيا؛ إذ يوشك الله تعالى أن يفضحه ولو في جوف داره، أعاذنا الله وإخواننا المسلمين من سوء الحال والمآل.

سادسا: الإكثار من العمل الصالح:

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فزعا يقول: ((سبحان الله ماذا أنزل الله من الخزائن، وماذا أنزل من الفتن، من يوقظ صواحب الحجرات ـ يريد أزواجه ـ لكي يصلين، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)).

فالعمل الصالح كما أنه مجلبة للرزق، فهو كذلك مدفعة للفتن، وإنما كان كذلك لأنه من أعظم أسباب الثبات على الحق قال الله تعالى: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا ..} الآية،

<<  <   >  >>