للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنه من أعظم أسباب ترك البغي كما قال تعالى: {وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم}.

وأهل العمل الصالح الذين هم المتقون يؤيدهم الله تعالى بفرقان من عنده يميزون به بين الحق والباطل، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ..}

والناس في كل وقت محتاجون إلى التمييز بين الحق والباطل، والخلط بينهما من أعظم أبواب الفتن.

وأيضا: فإن الله تعالى مع المتقين وقد قدمنا أن من كان الله تعالى معه، ثبته وهداه، وأنزل عليه السكينة.

وأيضا: فإن المتقين أخشى لله من غيرهم وأخوف، ومن كان خوف الله تعالى وخشيته ملء قلبه كفّه عن محارمه، فيثر حينئذ خير العبد ويقل شره، ويسلم منه الناس ولذا ورد في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - ((الإيمان قيد الفتل)) رواه أبو داود عن أبي هريرة.

فصاحب الخشية: أعف الناس لسانا، وأكفهم يدا، وأرحمهم قلبا.

ومما يجعل العمل الصالح مخرجا من الفتن أيضا: أن صاحبه مشغول به عن غيره، غير ملتفت إلى ما سواه، وإنما تزيد الفتن ويكثر أهلها بسبب الغفلة والفراغ، إذ هما مدعاة للاشتغال بما لا ينفع، ومن لم يشغل نفسه بالطاعة أشغلته بالمعصية ولا بد.

وخلاصة ما سبق، أن العمل الصالح سبب من أسباب العصمة من الفتن لأمور:

أولها: أنه سبب لتثبيت الله تعالى لصاحبه.

الثاني: أن الله تعالى يجعل لصاحبه نورا وفرقانا يميز به بين الحق والباطل.

الثالث: أنه مورث للخشية والخوف من الله تعالى المفضيان إلى كف النفس عن اقتحام لجج الفتن.

الرابع: أنه مشغل لصاحبه عما لا يعنيه.

<<  <   >  >>