للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجادلته لكفار قريش، وهو ما كان من ابن الزبعرى (١) الذى سمع بقول الله تعالى {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون. لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون} (٢) فقال: أما والله لو وجدت محمداً لخصمته، فسلوا محمداً! أكل ما يعبد من دون الله فى جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة! واليهود تعبد عزيزاً! والنصارى تعبد عيسى ابن مريم! فعجب الحاضرون مما قاله ابن الزبعرى، ورأوا أنه قد خصم رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلبه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "إن كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده، إنهم إنما يعبدون الشياطين، ومن أمرتهم بعبادته" فأنزل الله تعالى تصديقاً لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون. لا يسمعون حسيسها وهم فى ما اشتهت أنفسهم خالدون. لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذى كنتم توعدون} (٣) .

فانظر إلى هذا الجواب المفحم الذى لم يترك للمجادل مجالاً للتمادى بالباطل، حيث أعلمه أن من ذكر لم يأمروهم بعبادتهم، وأنهم إنما يعبدون الشياطين، وأنهم لو أمروهم بذلك أو حبذوا ذلك منهم لكان الحكم عاماً فيهم.


(١) هو عبد الله بن الزبعرى، شاعر قريش فى الجاهلية، كان شديداً على المسلمين إلى أن فتحت مكة، فهرب إلى نجران، ثم عاد إلى مكة، فأسلم واعتذر. مات سنة ١٥هـ له ترجمة فى: أسد الغابة ٣/٢٣٩ رقم ٢٩٤٦، والاستيعاب ٣/٩٠١ رقم ١٥٣٣.
(٢) الآيات ٩٨ – ١٠٠ الأنبياء.
(٣) الآيات ١٠١ – ١٠٣ الأنبياء، وينظر: السيرة النبوية لابن هشام ١/٤٥١، ٤٥٢ نص رقم ٣٤٩، والبداية والنهاية لابن كثير ٣/٨٦، ٨٧ نقلاً عن ابن إسحاق.

<<  <   >  >>