للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على هذا النحو كانت مجادلة النبى صلى الله عليه وسلم للمشركين فى مكة، وأهل الكتاب فى المدينة (١) والوفود الواردة من كل نواحى الجزيرة، يجادلوه فيأيده الله، ويقيم الحجة عليهم، وأذكر من ذلك مثالاً ما يلى:

وفد بنى تميم: فلقد قدم عليه أشرافهم، منهم الأقرع بن حابس، وهو من سادات العرب وحكامها (٢) والزبرقان بن بدر التميمى– أحد بنى سعد – وعمرو بن الأهتم. وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئنا نفاخرك، فأذن لشاعرنا وخطيبنا، وتمت المفاخرة، وفى نهايتها قال الأقرع بن حابس: إن هذا الرجل لموتى له (٣) لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أعلى من أصواتنا (٤) .

لقد اعترف الرجل بكمال عقله وفطنته صلى الله عليه وسلم، وأنه اختار من أتباعه خطيباً يناسب هذه القبيلة من العرب، ففاق خطيبهم، واختار شاعراً فاق شاعرهم، وما ذلك إلا لكمال عقله وفطنته، وفهمه الدقيق للوافدين عليه، وفهمه الدقيق لأتباعه.

لقد أسلم الوفد (٥) ، وهكذا كل من ورد عليه، يعترف بنبوته، وعصمة المولى عز وجل له، وتأييده فى كل أموره (٦) .


(١) ينظر أمثلة على ذلك فى البداية والنهاية ٦/١٧٩، وحوار الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود للدكتور محسن عبد الناظر.
(٢) له ترجمة فى: أسد الغابة ١/٢٦٤ رقم ٢٠٨، وتاريخ الصحابة ص٣٨ رقم ٧٣، والاستيعاب ١/١٠٣ رقم ٦٩.
(٣) أى: أنه صلى الله عليه وسلم مؤيد وموفق.
(٤) قصة الوفد ذكرها ابن إسحاق، ومن طريقة غيره، ينظر: السيرة النبوية لابن هشام ٤/٢٤٢ – ٢٥١ من نص ١٩٣٢ – ١٩٤٢، وطبقات ابن سعد ١/٢٩٣، ٢٩٤، وتاريخ الطبرى ٣/١١٥،= والدرر = فى اختصار المغازى والسير لابن عبد البر ص٢٥٥، ودلائل النبوة للبيهقى ٥/٣١٣، والبداية والنهاية لابن كثير ٥/٤١، ٤٢.
(٥) ينظر المصادر السابقة.
(٦) المدخل إلى السنة النبوية ص١٧٠ بتصرف يسير.

<<  <   >  >>