للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. أما ما استدلوا به من قوله صلى الله عليه وسلم على ما حكاه عنه القرآن الكريم: {قل إن ضللت فإنما أضل على نفسى وإن اهتديت فبما يوحى إلى ربى إنه سميع قريب} (١) وزعمهم بأن نسبة الضلال إلى نفسه صلى الله عليه وسلم يعنى أنه غير معصوم منه حتى بعد النبوة، فلا حجة لهم فى التعلق بظاهر هذه النسبة! لأن نسبة الضلال إلى نفسه صلى الله عليه وسلم جاءت منه على جهة الأدب مع ربه عز وجل، وهكذا الأنبياء جميعاً إذا مسهم ضر نسبوه إلى الشيطان على جهة الأدب مع الحق جل جلاله، لئلا ينسبوا له فعلاً يكره، مع علمهم أن كلا من عند الله تعالى، قال الخليل عليه السلام: {وإذا مرضت فهو يشفين} (٢) وقال الخضر عليه السلام: {فأردت أن أعيبها} (٣) أى السفينة، مع أن فعله كان بأمره عز وجل كما قال عز وجل على لسانه: {وما فعلته عن أمرى} (٤) وقال موسى عليه السلام: {هذا من عمل الشيطان} (٥) وقال نبينا صلى الله عليه وسلم: "والخير كله فى يديك، والشر ليس إليك" (٦) يعنى: ليس إليك يضاف الشر وصفاً لا فعلاً، وإن كان الفعل كله من عند الله عز وجل كما قال: {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا} (٧) .


(١) الآية ٥٠ سبأ.
(٢) الآية ٨٠ الشعراء.
(٣) جزء من الآية ٧٩ الكهف.
(٤) جزء من الآية ٨٢ الكهف.
(٥) جزء منا الآية ١٥ القصص.
(٦) جزء من حديث طويل أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة النبى صلى الله عليه وسلم، ودعاؤه بالليل ٣/٣٠٩ رقم ٧٧١ من حديث على ابن أبى طالب رضى الله عنه.
(٧) الآية ٧٨ النساء، وينظر: المنهاج شرح مسلم ٣/٣١٧ رقم ٧٧١.

<<  <   >  >>