للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا صح تسمية العصمة "وضعاً" فى قوله تعالى: {ووضعنا عنك وزرك} (١) مجازاً، صحح أيضاً إطلاق المغفرة كناية عن العصمة فى قوله تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} (٢) إذ الغفر الستر والغطاء (٣) والمعنى فى الآية: ليعصمك الله فيما تقدم من عمرك، وفيما أخر منه.

قال الإمام السيوطى (٤) : "وهذا القول فى غاية الحسن، وقد عد البلغاء من أساليب البلاغة فى القرآن؛ أنه يكنى عن التخفيفات بلفظ المغفرة، والعفو، والتوبة، كقوله تعالى عند نسخ قيام الليل: {علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءُوا ما تيسر من القرآن} (٥) وعند نسخ تقديم الصدقة بين يدى النجوى قال سبحانه: {فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم} (٦) وعند نسخ تحريم الجماع ليلة الصيام قال عز وجل: {فتاب عليكم وعفا عنكم} (٧) .


(١) الآية ٣ الشرح.
(٢) الآية ٢ الفتح.
(٣) ويروى فى ذلك عن شريح بن عببيد الحضرمى "ووضعنا عنك وزرك" قال: وغفرنا لك ذنبك، أخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ١٠/٣٤٤٥ رقم ١٩٣٨٩، وينظر: القاموس المحيط ٢/١٠١،والنهاية فى غريب الحديث ٣/٣٣٥.
(٤) هو: عبد الرحمن بن أبى بكر محمد السيوطى، جلال الدين، كان إماماً حافظاً بارعاً، ذا قدم راسخة فى علوم شتى، فكان مفسراً، محدثاً، فقيهاً، أصولياً، لغوياً، مؤرخاً، له مؤلفات بلغت نحو ستمائة مصنف منها: الأشباه والنظائر فى القواعد الفقيهة، والأشباه والنظائر فى العربية، والدر المنثور فى التفسير بالمأثور، والجامع الكبير والصغير، مات سنة ٩١١هـ له ترجمة فى: حسن المحاضرة للسيوطى ١/٣٣٥ رقم ٧٧، وشذرات الذهب ٨/٥١، وطبقات المفسرين للسيوطى ص٣، والبدر الطالع للشوكانى ١/٣٢٨ رقم ٢٢٨.
(٥) جزء من الآية ٢٠ المزمل.
(٦) جزء من الآية ١٣ المجادلة.
(٧) جزء من الآية ١٨٧ البقرة، وينظر: الدر المنثور ٦/٣٦٣.

<<  <   >  >>