للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح مطاطئاً رأسه حتى كاد يمس مقدمة رحله، وهو راكب على بعيره تواضعاً لله عز وجل (١) .وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وذقنه على رحله متخشعاً" (٢) وفى نفس الوقت كان يرجع (٣) فى تلاوته، وهو على مشارف مكة سورة الفتح (٤) وهذا يعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان مندمجاً فى حالة من العبودية التامة لله تعالى، شكراً له عز وجل، على هذه النعم التى لا تعد ولا تحصى، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستغفار والعبادة شكراً لله سبحانه على ذلك، وليس كما يفهم أعداء الإسلام، وخصوم السنة المطهرة أنه استغفار لذنبه (٥) لأن الاستغفار ليس خاصاً بالذنوب، بل له حِكَمٌ كثيرة، على رأسها: شكر الله عز وجل على نعمه، ولذا جاء الأمر به للنبى صلى الله عليه وسلم شكراً لله عز وجل بنصره على أعدائه، وفتح مكة له، قال تعالى: {إذا


(١) ينظر: السيرة النبوية لابن هشام ٤/٢٥ نص رقم ١٦٦٨.
(٢) أخرجه الحاكم فى المستدرك ٣/٤٩ رقم ٤٣٦٥ وصححه على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبى، وقال الزرقانى فى شرحه على المواهب ٣/٤٣٤ سنده جيد قوى، وأخرجه البيهقى فى دلائل النبوة ٥/٦٨، ٦٩.
(٣) الترجيع: ترديد القراءة، ومنه ترجيع الأذان، وكان ترجيعه صلى الله عليه وسلم بمد الصوت فى القراءة نحو: آء، آء، أء. ينظر: النهاية فى غريب الحديث ٢/١٨٥، وفتح البارى ٨/٤٤٨ رقم ٤٨٣٥.
(٤) ينظر الحديث فى صحيح البخارى (بشرح فتح البارى) فى عدة أماكن منها كتاب التفسير، باب "إنا فتحنا لك فتحاً مبينا" ٨/٤٤٧ رقم ٤٨٣٥، ومسلم (بشرح النووى) كتاب صلاة المسافرين، باب قراءة النبى صلى الله عليه وسلم سورة الفتح يوم فتح مكة ٣/٣٣٩ رقم ٧٩٤ من حديث عبد الله بن المغفل رضى الله عنه.
(٥) ينظر: الأنبياء فى القرآن لأحمد صبحى منصور ص٣٥، ٤٨، ٤٠، ٤٥.

<<  <   >  >>