للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى ما تقدم فقوله تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} ونحوها من الآيات مراداً بها الحث على دوام الاستغفار والشكر لله عز وجل، على ما أنعم عليه من العصمة.

وأقول: إذا لم يسلم الخصم بما سبق من تأويل آيات الذنب والوزر الواردة فى حقه صلى الله عليه وسلم، وأخذ بها على ظاهرها، فليبين لنا حقيقة الذنب والوزر الذى ارتكبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء قبل النبوة أو بعدها؟!.

إنه إن كان ثمَّ ذنب فلن يَخْرُج عن ترك الأَوْلَى، كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين (١) وترك الأولى ليس بذنب، لأن الأولى وما يقابله مشتركان فى إباحة الفعل، والمباحات جائز وقوعها من الأنبياء، وليس فيها قدح فى عصمتهم ومنزلتهم، لأنهم لا يأخذون من المباحات إلا الضرورات (٢) مما يتقوون به على صلاح دينهم، وضرورة دنياهم، وما أخذ على هذه السبيل التحق طاعة، وصار قربة (٣) .


(١) أى: كلما ترقى فى درجة عد ما قبلها سيئة، وهذا قول سعيد الخراز، كما رواه ابن عساكر فى ترجمته، ولم أعثر عليها فى مختصر التاريخ، ينظر: شرح المواهب للزرقانى ٩/١٩.
(٢) قال أبو الحسين المعتزلى: "ولا يجوز فى حقهم عليهم الصلاة والسلام كثير من المباحات القادحة فى التعظيم، الصارفة عن القبول" ينظر: المعتمد فى أصول الفقه ١/٣٤٢.
(٣) الشفا ٢/١٤٧ بتصرف.

<<  <   >  >>