للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصفوة القول، أن يقال: إما أن يكون صدر من رسول صلى الله عليه وسلم ذنب أم لا! فإن قلنا: لا، امتنع أن تكون هذه الآيات إنكاراً عليه، وقدحاً فى عصمته. وإن قلنا: إنه صدر عنه ذنب – وحاشاه الله من ذلك – فقوله تعالى: {ووضعنا عنك وزرك} وقوله سبحانه: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} يدل على حصول العفو (١) وبعد حصول العفو يستحيل أن يتوجه الإنكار عليه! فثبت أنه على جميع التقادير يمتنع أن يقال: إن قوله تعالى {واستغفر لذنبك} وقوله سبحانه: {ووضعنا عنك وزرك} ، يدل على كون رسول الله صلى الله عليه وسلم مذنباً، أو غير معصوم!. وهذا جواب شاف كاف قاطع. وما فوق مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مقام أهـ.


(١) وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم التى لا يشاركه فيها غيره، كما قال ابن كثير فى تفسيره ٧/٣١٠، وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه أخبره الله تعالى بالمغفرة، ولم ينقل أنه أخبر أحداً من الأنبياء بمثل ذلك، ويدل له قولهم فى الموقف: "نفسى، نفسى، نفسى" جزء من حديث طويل أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب التفسير، باب "ذرية من حملنا مع نوع إنه كان عبداً شكوراً" ٨/٢٤٧، ٢٤٨ رقم ٤٧١٢، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها ٢/٥٥ – ٥٧ رقم ١٩٤ من حديث أبى هريرة رضى الله عنه. وينظر: شرح الزرقانى على المواهب ٧/٢٥٩، ويدل أيضاً على أن الإخبار بالمغفرة من خصائصه قوله صلى الله عليه وسلم: "فضلت على الأنبياء بست لم يعطهن أحد كان قبلى. غفر لى ما تقدم من ذنبى وما تأخر، وأحلت لى الغنائم... الحديث" أخرجه البزار وسنده جيد كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد ٨/٢٦٩، ووافقه السيوطى فى الخصائص الكبرى ٢/٣٣٦، من حديث أبى هريرة رضى الله عنه.

<<  <   >  >>