للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى الإخلاص لله عز وجل، شهد له بذلك القرآن الكريم حيث قص قوله صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب أهل الكتاب: {قل أتحاجوننا فى الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون} (١) فهو صلى الله عليه وسلم يخبر عن نفسه بأنه مخلص لله تعالى فى دينه وعبادته، وهو الصادق الأمين، وقد أقره القرآن الكريم على ذلك، فحكى مقالته على سبيل الإقرار والاعتماد والإشادة، مما يدل على أن هذا الخلق العظيم قد كان مستحكماً فيه صلى الله عليه وسلم فى كل أحواله، كما هو شأنه فى كل خُلُق عظيم، وما جاء فى قوله تعالى: {فإن كنت فى شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك} (٢) فالشرط فى الآية لا يقتضى الوقوع ولا الجواز على ما سيأتى تفصيله بعد قليل. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال فى تفسير الآية: "لم يشك النبى صلى الله عليه وسلم ولم يسأل" وعامة المفسرين على هذا، وقالوا: وفى السورة نفسها ما دل على هذا التأويل، قال تعالى: {قل يا أيها الناس إن كنتم فى شك من دينى فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذى يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين} (٣) فهذا تقرير لحقيقة حاله صلى الله عليه وسلم، وشهادة له بأنه ما شك فيما أنزل إليه، ولا سأل أهل الكتاب، وكان من عباد الله المؤمنين المخلصين.

وفى إخلاصه فى عبادته لله تعالى يقول عز وجل: {قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} (٤) فهذا القرآن الكريم يلقن النبى صلى الله عليه وسلم أن يعلن للملأ هذه الحقيقة الكامنة فيه لما علمها الله تعالى منه.


(١) الآية ١٣٩ البقرة.
(٢) الآية ٩٤ يونس.
(٣) الآية ١٠٤ يونس، وينظر: التفسير الوسيط للدكتور محمد سيد طنطاوى المجلد ٧/١٣٩، ١٤٠.
(٤) الآيتان ١٦٢، ١٦٣ الأنعام.

<<  <   >  >>