للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وهذا ما تؤكده الروايات السابقة، وشواهدها من حديث ابن مسعود رضى الله عنه (١) وخباب رضى الله عنه (٢) حيث لم يرد فى شئ منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرد أحداً من أصحابه فى مجلسه.

... بل الروايات جميعها على أنه بمجرد اقتراح أهل الشرك على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم يوماً يجلسون معه دون الفقراء والعبيد، نزلت الآية جواباً على اقتراحهم أو سؤالهم، بنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه} (٣) .

... وهذه مِنَّة من الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث عاتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بعد العثرات الصورية، وأدب نبيه صلى الله عليه وسلم بأشرف الآداب، وأجل الأخلاق، وعاتبه إن كان ثمَّ عتاب – قبل وقوعه ليكون بذلك أشد انتهاء عن المخالفة، ومحافظة لشرائط المحبة، وهذه غاية العناية والرعاية فى العصمة (٤) .

... وإذا تقرر أن الله عز وجل ينهى رسوله صلى الله عليه وسلم عما يشاء وإن لم يكن وقوعه منه، علمت الجواب الرابع عن هذه الشبهة وهو:


(١) أخرجه أحمد فى مسنده ٤/٤٢٠، والطبرانى ورجال أحمد رجال الصحيح غير كردوس وهو ثقة، كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد ٧/ ٢٠، ٢١.
(٢) أخرجه ابن ماجة فى سننه كتاب الزهد، باب مجالسة الفقراء ٢/ ٥٤٤، ٥٤٥ رقم ٤١٢٧ وسنده صحيح كما قال البوصيرى فى مصباح الزجاجة ٣/٢٧٦، ٢٧٧ رقم ١٤٦٢، وقال ابن كثير بعد أن أورده من رواية ابن أبى حاتم فى تفسيره ٣/٢٥٥، وهذا حديث غريب، فإن هذه الآية مكية، والأقرع بن حابس، وعيينه، إنما أسلما بعد الهجرة بدهر. قلت: يحتمل أن يكون الأقرع وعيينه نزلاً بمكة، وكانا ممن قال به كفار قريش، فلا غرابة أهـ والله أعلم.
(٣) الآية ٥٢ الأنعام.
(٤) شرح الشفا للقارى١/٦٩، وينظر: آيات عتاب المصطفى صلى الله عليه وسلم فى ضوء العصمة ص٢١٥ – ٢١٧.

<<  <   >  >>