للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ويبقى معنا قولان: الأول: وهو تحريم العسل، والثانى: وهو تحريم مارية أما القول الأول: فهو إن كان أقوى من جهة رواية الشيخين له، ورجحه بعض الأئمة على ما سبق قريباً، إلا أن القول الثانى: أكثر موافقة لألفاظ الآيات، ومال إلى ترجيحه ابن الجوزى (١) فى تفسيره، وأسنده إلى بعض أئمة السلف والأكثرين من المفسرين، وإلى هذا الترجيح مال جمال الدين القاسمى فى تفسيره حيث قال: "والذى يظهر لى هو ترجيح روايات تحريم الجارية فى سبب نزولها وذلك لوجوه: منها: أن مثله يبتغى به مرضاة الضرات (٢) ويهتم به لهن. ومنها: أن روايات شرب العسل لا تدل على أنه حرمه ابتغاء مرضاتهن بل فيه أنه حلف لا يشربه أنفة من ريحه (٣) .

... ولا مانع من القول بعد كل هذا بأن الآية نزلت بعد القصتين، فاقتصر بعض الرواة على إحداهما، والبعض الأخرى على نقل الأخرى. قال الحافظ فى فتح البارى: "وطريقة الجمع بين هذا الاختلاف، الحمل على التعدد، فلا يمتنع أن تكون الآية نزلت فى السببين معاً" (٤) .


(١) هو: عبد الرحمن بن على بن محمد الجوزى القرشى البغدادى، ابو الفرج، علامة عصره فى الحديث والتاريخ، له نحو ثلاثمائة مصنف منها: زاد المسير فى التفسير، والمنتظم فى تاريخ المملوك والأمم. مات سنة ٥٩٧هـ له ترجمة فى: البداية والنهاية لابن كثير ١٣/٣١، وطبقات المفسرين للداودى ١/٢٧٥ رقم ٢٦٠، وتذكرة الحفاظ للذهبى ٤/١٣٤٢ رقم ١٠٩٨، والذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب ١/٣٩٩، والنجوم الزاهرة لابن تغرى ٦/١٧٤.
(٢) يقصد بالضرات الزوجات، وإن كانت السرية ليست ضرة بالمعنى الشرعى، وإنما هى ضرة فى الواقع النفسى لهن.
(٣) محاسن التأويل ١٦/٥٨٥٥.
(٤) فتح البارى ٩/٢٨٩ رقم ٥٢٦٦، ٨/٥٢٥ رقم ٤٩١٢.

<<  <   >  >>