للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. هذا ولا يلزم من وقوع المس إضلال الممسوس وإغواءه، فإن ذلك ظن فاسد، فكم تعرض الشيطان للأنبياء بأنواع الإفساد والإغواء، ومع ذلك عصمهم الله عز وجل، بعدم تمكنه من إغوائهم، أو إلحاق ضرر بهم يضر بالدين؛ وتأمل قوله تعالى فى حق سيدنا أيوب عليه السلام: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب} (١) وقوله سبحانه فى حق سيدنا آدم وزوجته: {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه} (٢) وقوله عز وجل فى حق سيدنا موسى عليه السلام: {قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين} (٣) وقوله تعالى لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم} (٤) وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن عفريتاً (٥) من الجن جعل يفتك (٦) على البارحة ليقطع على الصلاة. وإن الله أمكننى منه فذعته (٧) ... الحديث" (٨) .

... فكل هذا لا يتعارض مع حديث (نخس الشيطان كل مولود) ولا مع قوله تعالى {إن عبادى ليس لك عليهم سلطان} لأن معناه والله أعلم: "لن تسلط على إغوائهم الإغواء اللازم، لأن الكلام فيه لتقدم قوله: {لأغوينهم أجمعين} . وهذا لا ينافى أن يسلط على بعضهم لإغواء عارض، أو لإلحاق ضرر لا يضر بالدين (٩) .


(١) الآية ٤١ ص.
(٢) الآية ٣٦ البقرة.
(٣) الآية ١٥ القصص.
(٤) الآية ٢٠٠ الأعراف.
(٥) العفريت: العاتى المارد من الجن.
(٦) "يفتك" وفى رواية "يفلت" وهما صحيحان. والفتك: الأخذ فى غفلة وخديعة.
(٧) بذال معجمة أى خنقته، وفى رواية صحيحة بدال مهملة: أى دفعته دفعاً شديداً.
(٨) سبق ذكره كاملاً وتخريجه ص٥١.
(٩) ينظر الأنوار للكاشفة لعبد الرحمن اليمانى ص١٣٨.

<<  <   >  >>