للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أ- فأما الدليل على عدم صحة هذه الرواية سنداً فهو ما ورد فى الرواية ذاتها إذ فيها "حزن النبى صلى الله عليه وسلم، فيما بلغنا..." والقائل "فيما بلغنا" هو الإمام الزهرى (١) وهو أعلم الحفاظ، ولكن لا يقبل ما رواه من غير سند! فعن يحيى بن سعيد القطان (٢) قال: مرسل الزهرى شر من مرسل غيره، لأنه حافظ، وكلما قدر أن يسمى سمى! وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه (٣) وهذه الزيادة من هذه القبيل، حيث أنها منقطعة قد رواها الزهرى بلاغاً، وهو من صغار التابعين، وجل روايته عن كبار التابعين، وأقلها عن صغار الصحابة (٤) فكيف بالكبار منهم، لاسيما من شهدوا بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (٥)


(١) على ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر، وتبعه فى ذلك السيوطى، والقسطلانى، خلافاً للقاضى عياض، حيث جزم بأن البلاغ من قول معمر، ينظر: فتح البارى ١/٣٧٦ رقم ٦٩٨٢، والمواهب اللدنية للقسطلانى وشرحها للزرقانى ١/٤٠٢ قلت: سواء كان هذا البلاغ من قول معمر أو الزهرى فهو غير مسند، وهذا مطعن فيه من جهة السند، فلا وجه لقبوله، لأن البلاغ من قبيل المنقطع وهو من أنواع الضعيف.
(٢) هو: يحيى بن سعيد بن فروخ، التميمى، أبو سعيد القطان البصرى، أحد الأئمة الأعلام، ثقة، حافظ، متقن، كان رأساً فى العلم والعمل، مات سنة ١٩٨هـ له ترجمة فى: تقريب التهذيب ٢/٣٠٣ رقم ٧٥٨٤، والكاشف ٢/٣٦٦ رقم ٦١٧٥، ومشاهير علماء الأمصار ص١٩٢ رقم ١٢٧٨، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص١٣١ رقم ٢٦٨.
(٣) ينظر: تذكرة الحفاظ ١/١٠٨ رقم ٩٧، وتدريب الراوى ١/١٩٦، ٢٠٥.
(٤) ينظر: تقريب التهذيب ١/٢٥ المقدمة.
(٥) وفى هذا رد على الإمام الزرقانى فى رده على القاضى عياض بأن هذا البلاغ ضعيف، قائلاً: هذا البلاغ ليس بضعيف، كما ادعى عياض متمسكاً بأنه لم يسنده، لأن عدم إسناده، لا يقدح فى صحته، بل الغالب على الظن أنه بلغه عن الثقات أهـ وما قاله الإمام الزرقانى: فرض احتمالى، لا يثبت، ولا يقوم على قدم صحيحة، ومجرد الاحتمال كافٍ لرده وعدم قبوله، ويرده أيضاً ما قاله يحيى بن سعيد القطان. ينظر: شرح الزرقانى على المواهب ١/٤٠٣، والشفا ٢/١٠٤، ومحمد رسول الله لفضيلة الشيخ عرجون ١/٣٨٦ – ٣٩٤.

<<  <   >  >>