للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى ذلك فلا سند يعتمد عليه، ولعل الإمام البخارى وغيره ممن أخرج هذه الزيادة أرادوا بذلك التنبيه إلى مخالفتها لما صح من حديث بدء الوحي الذى لم تذكر فيه هذه الزيادة، وخصوصاً أن البخارى لم يذكر هذه الزيادة فى بدء الوحي، ولا التفسير، وإنما ذكرها فى التعبير على ما سبق فى التخريج.

... ويؤيد ما سبق، أن الأئمة الحفاظ يذكرون عقب هذه الزيادة حديث جابر الصحيح فى فترة الوحي إلى الزهرى بنفس السند الذى يروونه عنه فى حديث عائشة الأول، ويفهم من صنيعهم ذلك: أن الزهرى نفسه كان يحدث بحديث جابر عقب حديث عائشة.

... ففى مصنف الإمام عبد الرزاق بعد فراغه من حديث عائشة: قال معمر، قال الزهرى، فأخبرنى – حرف الفاء هذا يفيد العطف على رواية سابقة، والتعقيب بأخرى لاحقة، وذلك فى مجلس واحد - أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يحدث عن فترة الوحي، فقال فى حديثه: "بينما أنا أمشى سمعت صوتاً من السماء، فرفعت رأسى، فإذا الذى جاءنى بحراء جالساً على كرسى بين السماء والأرض، فجُئِثْتُ (١) منه رعباً، ثم رجعت، فقلت: زملونى، زملونى، ودثرونى، فأنزل الله تعالى: {يا أيها المدثر} إلى {والرجز فاهجر} (٢) .


(١) فى بعض الروايات (فجثثت) بمثلثة بدل الهمزة، ومعناهما: فزعت منه، وخفت، وذعرت، وقيل: معناه: قلعت من مكانى. ينظر: النهاية فى غريب الحديث ١/٢٣١، ٢٢٥.
(٢) الآيات ١-٥ المدثر، وينظر: مصنف عبد الرزاق ٥/٣٢٣، ٣٢٤، ودلائل النبوة لأبى نعيم ١/٢١٣ – ٢١٥ رقم ١٦٢.

<<  <   >  >>