يتعارض هذا البلاغ مع ما يجب أن يكون عليه النبى صلى الله عليه وسلم من رسوخ الإيمان بنبوته، وكمال اليقين برسالته، ولا شك أن ما جاء فى هذا البلاغ، من تبدى جبريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم كلما أوفى بذروة جبل لكى يلقى منها نفسه، وقوله له: يا محمد: أنت رسول الله حقاً، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل عليه السلام، فقال مثل ذلك – يصور مدى ما بلغه ذلك الحزن اليائس – فى زعم قائليه – من نفس النبى صلى الله عليه وسلم حتى جعله يتشكك فى تبدى جبريل له، وفى إخباره أنه رسول الله حقاً، فالنبى صلى الله عليه وسلم - كما تصرح به عبارة هذا البلاغ – لم يكد يسكن جأشه لتبدى جبريل له وإخباره أنه رسول الله حقاً حتى يعود إلى عزيمته فى إلقاء نفسه من ذرا شواهق الجبال، فيتبدى له جبريل مرة أخرى، ويقول له: يا محمد، أنت رسول الله حقاً.
فأين سكون جأشه الذى أحدثه فى نفسه تبدى جبريل له، وإخباره أنه رسول الله حقاً؟.
وأين رسوخ إيمانه برسالة ربه التى شرفه بها قبل فترة الوحي، وأنزل عليه فى أول مراتب وحيها فى غار حراء قرآناً يتلى، حتى يعود عن عزيمته لإلقاء نفسه من ذرا شواهق الجبال إذا طالت عليه فترة الوحي؟!.
إن ما تضمنه هذا البلاغ الضعيف يشمل أمرين:
أحدهما: ظاهر محسوس، يمكن مشاهدته، والحكم بوجوده أو عدم وجوده بمقتضى إمكان مشاهدته حساً.