للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. هذا مع أنه لا نرى حرجاً فى أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم قد اعتراه شئ من الحزن فى مدة فترة الوحي، لانقطاع أنوار الشهود الروحى، ولا نرى حرجاً فى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يغدو إلى ذرا الجبال تطلعاً لتجليات أمين الوحي الذى عهد لقاءه فى هذه الذرا، وهذا أمر فطرى وطبيعى، فالإنسان إذا حصل له خير أو نعمة فى مكان ما، فإنه يحب هذا المكان، ويلتمس فيه ما افتقده، فلما فتر الوحي: صار صلى الله عليه وسلم يكثر من ارتياد قمم الجبال، ولاسيما حراء، رجاء أنه إن لم يجد جبريل فى حراء، فليجده فى غيره، فرآه راوى هذه الزيادة وهو يرتاد قمم الجبال، فظن أنه يريد أن يلقى بنفسه، وقد أخطأ الراوى المجهول فى ظنه قطعاً.

... وليس أدل على ضعف هذه الزيادة وتهافتها من أن جبريل عليه السلام كان يقول للنبى صلى الله عليه وسلم كلما أوفى بذروة جبل: "يا محمد إنك رسول الله حقاً" وأنه كرر ذلك مراراً، ولو صح هذا لكانت مرة واحدة تكفى فى تثبيت النبى صلى الله عليه وسلم وصرفه عما حدثته به نفسه كما زعموا (١) .


(١) ينظر: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لفضيلة الشيخ محمد عرجون ١/٣٨٧ – ٤٠٠، والسيرة النبوية فى ضوء القرآن والسنة للدكتور محمد أبو شهبة ١/٢٦٦، والمعين الرائق من سيرة خير الخلائق للدكتور سعيد صوابى ص٢٥٠ – ٢٥٩، وهناك أقوال أخرى فى تأويل الزيادة البلاغية إن شئت أنظرها فى: الشفا ٢/١٠٤، ١٠٥، وفتح البارى ١٢/ ٣٧٧ رقم ٦٩٨٢، وشرح الزرقانى على المواهب ١/٤٠٣.

<<  <   >  >>