للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: ما يشكل ظاهره فى الحديث الموصول – لعائشة رضى الله عنها – من ارتياب وشك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نبوته – كما زعموا – مستشهدين على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم لخديجة "لقد خشيت على نفسى" وزعمهم شكواه صلى الله عليه وسلم لخديجة، ورجوعه إلى ورقة بن نوفل... هذا الإشكال لا وجه لهم فيه، كما أن هذه الكلمة: "لقد خشيت على نفسى" فى ذاتها لا تضير عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نبوته شيئاً.

...

والذين ذكروا هذه الكلمة فى رواياتهم قد أدوا أمانة العلم، ولا سبيل عليهم، إنما السبيل على الذين تقحموا متخرصين فى تفسير المراد من الخشية، حتى زعم بعضهم فى تفسيرها، وبيان المراد منها، بما كان ويكون أمضى سلاح فى يد أعداء الإسلام، وأعداء السنة المطهرة، والسيرة العطرة.

... وما قيل فى تفسير الخشية من كلام لا يليق، ولا ينبغى أن يدون فى سيرة المعصوم صلى الله عليه وسلم قد أبطله بعض حذاق الأئمة، وحق له أن يبطل (١) .

... أما ما زعمه أعداء السنة المطهرة من أن ظاهر هذه العبارة "لقد خشيت على نفسى يفيد ارتياب وشك رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نبوته، فهذا من تخرصاتهم، ويرده سياق الحديث الذى وردت فيه هذه العبارة، وقبل بيان ذلك أقول: إن الله عز وجل إذا اصطفى أحداً لنبوته أو رسالته يخلق فيه علماً ضرورياً بنبوته بحيث لا يبقى له قلق ولا اضطراب، كما يظهر من قصة سيدنا موسى عليه السلام، حين توجه إلى جبل الطور بسيناء ليأتى بقبساً أو يجد على النار هدى.


(١) ينظر: فتح البارى ١/٣٣ رقم ٣، ومحمد رسول الله لعرجون ١/٣٠٤، ٣٣٨.

<<  <   >  >>