للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- وأول ما يعين على بيان حقيقة المراد من الخشية فى سياق الحديث قوله: "حتى فجئه الحق" (١) بكسر الجيم أى بغتة الأمر الحق، وهو الملك جبريل عليه السلام بالوحي.

... وهذه الجملة فى الحديث، تفيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرض وهو فى غار حراء للمفاجأة، وتحققت ثلاثة مرات متواليات:

الأولى: فى دخول الملك عليه صلى الله عليه وسلم مختلاه ومتعبده، دون تمهيد يشعر النبى صلى الله عليه وسلم بأن أحداً سيدخل عليه فى الغار.

الثانية: فى رؤيته للملك جبريل عليه السلام على صورته الملائكية، وقد سد الأفق.

الثالثة: فى أمره بالقراءة عقب دخوله عليه مباشرة، وهو أمى لا يقرأ ولا يكتب!.

... وفى كل ذلك نوع من المفاجأة الباغتة المؤثرة على الطبيعة البشرية بما يهز كيانها هزاً يقحم عليها الرعب والفزع.

... ومن هنا كان خوف وفزع النبى صلى الله عليه وسلم خوفاً وفزعاً بشرياً رجف منه فؤاده، وسائر جسده، وظهرت على بشريته آثاره، حتى هدأت نفسه، فتلقى رسالة ربه متثبتاً، مغموراً بأنوار شهود العزة الإلهية فى يقين لا يداخله أدنى شك فى اصطفائه رسولاً بعد اجتبائه نبياً من الصالحين.

٢- وثانى ما يعين على تفسير الخشية قوله: "فغطى حتى بلغ منى الجهد" فهذه العبارة تبين مدى الشدائد التى صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا اللقاء المفاجئ.


(١) لفظ رواية البخارى فى كتاب التفسير، يراجع تخريج الحديث ص١٩٨

<<  <   >  >>