للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففترة الوحي طالت أو قصرت (١) شأن من شئون الله تعالى التى ينفرد بحكمتها فهى كانت لطفاً من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ورحمة به، ليستجم من عناء ما لاقى من روع المفاجأة، وشدة الغط، وشدة الوحي، لاستفراغ بشريته ليزداد تشوفاً وتشوقاً إلى تتابع الوحي، وتقوية لروحانيته على احتمال ما يتوالى من الله عز وجل إليه، حتى يتم استعداده لتبليغ رسالته إلى الخلق كافة بصبر وقوة، ويقين لا يدانيه يقين فى أن الله عز وجل، سيتم عليه نعمته.

ويشهد لصحة تفسير الخشية بما سبق ذكره، رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى مكان تحنثه فى غار حراء (٢) ، بعد ما لاقاه من الشدائد السابق ذكرها.

فهل فى منطق العقل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم خشى على نفسه ما تخرص به المتخرصون، ثم يسرع إلى العودة إلى المكان الذى لقى فيه ما خشيه على نفسه فى زعم المتخرصين؟!.


(١) كانت هذه الفترة على الراجح أياماً على ما رواه ابن سعد فى طبقاته ١/٣١ عن ابن عباس رضى الله عنهما، أما أن يقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين، أو سنتين ونصف سنة من عمر الدعوة الإسلامية من غير وحى ودعوة، فهذا مالا تقبله العقول، ولا يدل عليه نقل صحيح. ينظر: فتح البارى ١/٣٦، ٣٧ رقم ٣، وعمدة القارى ١/٥٥، ٥٦ وشرح الزرقانى على المواهب ١/٤٤١، والسيرة النبوية فى ضوء القرآن والسنة للدكتور محمد أبو شهبة ١/٢٦٤.
(٢) دل على العودة حديث جابر السابق ص٢٠١، وكذلك حديث عائشة أيضاً فى الزيادة البلاغية الضعيفة.

<<  <   >  >>