فأين الشكوى التى يزعمها أعداء السيرة العطرة؟ وإذا كانت شكوى فأين ما فيها مما يفيد فى زعمهم أنه شك وارتاب فى نبوته؟ إنه مجرد "إخبار من زوج لزوجته لموقف شديد حدث له يريد أن تخفف عنه آثاره! فأى استنكار فى ذلك؟!.
وقد أدت الزوجة خديجة رضى الله عنها دورها باطمئنان زوجها والتخفيف عنه بأعظم الكلمات على ما سبق شرحه قريباً.
وأرادت أن تزداد يقيناً فانطلقت به إلى ورقة بن نوفل ابن عمها وكان امرءاً تنصر فى الجاهلية، واشتهر عنه فى مكة من العلم بما فى التوراة والإنجيل، وتباشير الأحبار والرهبان، بما جاء فى الكتابين من أوصاف نبى آخر الزمان، وأن وقته قد أظل، فلما أخبره صلى الله عليه وسلم بما رأى، قال ورقة (هذا الناموس الذى أنزل على موسى) وتمنى ورقة أن يعيش حتى يدرك انتشار الإسلام، ليكون جندياً من جنود الله، يجاهد فى ظل لواء النبى صلى الله عليه وسلم فى سبيل إعلاء كلمة الله ولكنه أدركته منيته، فلم يلبث بعد بعث النبى صلى الله عليه وسلم إلا قليلاً، ثم توفى، وفتر الوحي، هذا كل ما تفيده قصة ذهابه صلى الله عليه وسلم وزوجته إلى ورقة بن نوفل.
فهل فيها ما يزعمه الخصوم من ارتياب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نبوته؟!.
وأنى لهم هذا الزعم، وكل ما فى الحديث أن ورقة، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عما رأى قائلاً: "يا ابن أخى ماذا ترى؟ " فأخبره صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى" إذن لم يسأله ورقة عما يشك فيه؛ ولم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنى أشك فى كذا، وإنما كل ما فى الأمر، سؤال عما حدث له، وإخبار منه صلى الله عليه وسلم لهذا الحدث.