للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان دورها فى الدعوة الإسلامية لا ينكره عاقل، فلا وجه لاستنكار أعداء السنة المطهرة، تخفيفها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عودته من غار حراء ولاسيما ورسول الله صلى الله عليه وسلم، عاد إليها وعليه آثار الروع والمشقة، رأتها على وجهه وجسده الشريف، كما كان يراها فيما بعد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، على ما ورد فى حالات نزول الوحي عليه.

وليس فى روايات الحديث ما يحاول زعمه أعداء السنة والسيرة العطرة، من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكى لخديجة (شكوى من يرتاب فى نبوته ورسالته والعياذ بالله) .

وإنما إذا صح التعبير أن يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوى، فهى شكوى من زوج لزوجته، يريد أن يخفف عنه ما لاقاه من رعب وفزع وشدة فى هذا اللقاء الذى عاد منه إلى بيته، ولا تزال آثاره على سائر جسده الذى يرجف مما جعله يقول: "زملونى، زملونى" أو "دثرونى، دثرونى" والمعنى واحد، وكأنه صلى الله عليه وسلم يقول: غطونى بما أدفأ به حتى يذهب عنى أثر الرعب والرجفة عن سائر جسدى (١) تقول أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها "فزملوه حتى ذهب عنه الروع" وهو بفتح الراء أى الفزع، وأما الذى بضم الراء فهو موضع الفزع من القلب (٢) .

وتأمل ما جاء فى الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم: "يا خديجة مالى؟ " وهو استفهام تعجبى، أى: أى شئ ثبت لى، حتى حصل ما حصل، وأخبرها الخبر، وما عانى فيه، حتى ظن أن نفسه تقبض من شدة الفزع والرعب، من هول المفاجأة، ومن معاناة نزول الوحي عليه، وهو ما عبر عنه بقوله: "لقد خشيت على نفسى".


(١) ينظر: النهاية فى غريب الحديث ٢/٩٥، ٢٨٣، وفتح البارى ٨/٥٩٠ رقم ٤٩٥٣.
(٢) فتح البارى ٨/٥٩٠ رقم ٤٩٥٣.

<<  <   >  >>