للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فواضح فى السؤال والجواب، أنه عليه السلام، لم يسأل لشك أو شبهة أو تردد وهذا ظاهر من سؤاله، إذ لم يقل لله تعالى: "هل تقدر أن تحى الموتى، أم لا تقدر؟.

... وهذا يشبه قولك لرسام كبير: دعنى أنظر إليك وأنت ترسم لوحة، أو لخطاط فنان: خط أمامى لكى أرى كيف تخط مثل هذه الخطوط الجميلة.

... فليس فى مثل هذا الطلب أى ناحية تعجيزية، بل هو تعبير عن الافتنان بفنه الجميل، واعتراف به، ولهفة على رؤية دقائق فنه، وسعادة كبيرة فى تأمل كيفية ظهور لوحة رائعة، مرحلة مرحلة. أجل: فالسؤال كان حول كيفية الإحياء، وليس حول إمكانيته أو عدم إمكانيته" (١) .

... قلت: وكيف يشك من وصفه ربه عز وجل فى كتابه بقوله تعالى: {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين} (٢) وقوله سبحانه: {وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين} (٣) والرشد، والإيقان، اسمى مراتب العلم الذى لا يصح معه شك أو حتى شبهة!.

... وكيف يصح الشك، وقد وصفه ربه تعالى بقوله: {وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم} (٤) فبين رب العزة كما ترى أنه جاء ربه بقلب سليم، وإنما أراد به، أنه كان سليماً من الشك، وخالصاً للمعرفة واليقين، ثم ذكر المولى عز وجل، أنه عاب قومه على عبادة الأصنام فقال تعالى: {ماذا تعبدون. أإفكاً آلهة دون الله تريدون} (٥) فسمى عبادتهم بأنها إفك وباطل، ثم قال سبحانه: {فما ظنكم برب العالمين} (٦) وهذا قول عارف بالله تعالى غير شاك!.

... فكيف يكون قوله {رب أرنى كيف تحى الموتى} (٧) شك فى البعث وإحياء الموتى؟!.

الحديث حجة لنا لا علينا:


(١) ينظر: النور الخالد محمد مفخرة الإنسانية لمحمد كولن ٢/١٨٦، وفى ظلال القرآن لسيد قطب ١/٣٠١، ٣٠٢.
(٢) الآية ٥١ الأنبياء.
(٣) الآية ٧٥ الأنعام.
(٤) الآية ٨٣ الصافات.
(٥) الآيتان ٨٥، ٨٦ الصافات.
(٦) الآية ٨٧ الصافات.
(٧) جزء من الآية ٢٦٠ البقرة.

<<  <   >  >>