للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ومن هنا كان قوله صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بالشك من إبراهيم" حجة لنا إذ فيه نفى للشك عن سيدنا إبراهيم عليه السلام، وعن نفسه صلى الله عليه وسلم، وهذا من أحسن الأقوال وأصحها وأرجحها عندى فى معنى قوله صلى الله عليه وسلم، "نحن أحق بالشك من إبراهيم" فكأنه صلى الله عليه وسلم يقول: إن الشك مستحيل فى حق إبراهيم عليه السلام، فإن الشك فى إحياء الموتى لو كان متطرقاً إلى الأنبياء، لكنت أنا أحق به من إبراهيم، لأن ما يجوز فى حق واحد من الأنبياء يجوز فى حقهم جميعهم، وقد علمتم أنى لم أشك، فاعلموا أن إبراهيم عليه السلام لم يشك!.

أو أراد صلى الله عليه وسلم بقوله: "نحن أحق بالشك من إبراهيم" أن يقول: إن هذا الذى تظنونه شكاً، أنا أولى به، ولكنه ليس بشك، وإنما هو طلب لمزيد اليقين.

... وهذا الكلام مما جرت به العادة فى المخاطبة، لمن أراد أن يدفع عن آخر شيئاً، قال: مهما أردت أن تقوله لفلان فقله لى، ومقصوده صلى الله عليه وسلم لا تقل ذلك.

... وإنما خص إبراهيم عليه السلام، لكون الآية قد يسبق إلى بعض الأذهان الفاسدة، منها احتمال الشك، وإنما رجح إبراهيم عليه السلام على نفسه صلى الله عليه وسلم، تواضعاً وأدباً، أو قبل أن يعلم صلى الله عليه وسلم أنه خير وسيد ولد آدم عليه السلام (١) .

... هذا: وقيل غير ذلك من الأقوال فى توجيه قوله صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بالشك من إبراهيم" لكنها أقوال ضعيفة (٢) ومن هنا اقتصرت على ذكر ما سبق منها، لكونها أصحها، وأوضحها، وأرجحها أهـ.

والله تعالى أعلى وأعلم


(١) ينظر: المنهاج شرح مسلم ١/٤٦١ رقم ٢٣٨، وفتح البارى ٦/٤٧٥ رقم ٣٣٧٢، وفيض البارى ١/٣٥، وتنزيه الأنبياء لعلى الحسين الموسوى ص٢٧.
(٢) ينظر: فتح البارى ٦/٤٧٤، ٤٧٥ رقم ٣٣٧٢، وعصمة الأنبياء للدكتور محمد أبو النور الحديدى ص٢٧٧ - ٢٨٣.

<<  <   >  >>