للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. قال الإمام محمد عبده رحمه الله: "نعلم أن البخارى أصدق كتاب بعد كتاب الله، وأنا لا أشك أن البخارى سمع هذا من أساتذته، والبخارى يشترط فى أحاديثه المعاصرة واللقاء، إلا أننى أرى أن هذا لم يحدث مع النبى صلى الله عليه وسلم، وإن كان قد دس من الإسرائيليات إلى مشايخ البخارى الذين أخذ منهم، وإلا فإننا إن قد صدقنا أن النبى صلى الله عليه وسلم، قد سحر فقد صدقنا كلام الظالمين الذى حكاه القرآن عنهم، {وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحورا} (١) وإن صدقنا أن النبى صلى الله عليه وسلم قد سحر، فقد كذبنا الله سبحانه وتعالى القائل فى كتابه الحكيم: {إنهم عن السمع لمعزولون} (٢) وقال عز وجل: {فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصدا} (٣) ثم قال: وأما الحديث على فرض صحته فهو آحاد، والآحاد لا يؤخذ بها فى باب العقائد، وعصمة النبى من تأثير السحر فى عقله عقيدة من العقائد، لا يؤخذ فى نفيها عنه إلا باليقين، ولا يجوز أن يؤخذ فيها بالظن المظنون على أى حال، فلنا بل علينا أن نفوض الأمر فى الحديث، ولا نحكمه فى عقيدتنا، ونأخذ بنص الكتاب، وبدليل العقل، فإنه إذا خولط النبى صلى الله عليه وسلم فى عقله – كما زعموا – جاز عليه أن يظن أنه بلغ شيئاً، وهو لم يبلغه، أو أن شيئاً نزل عليه، وهو لم ينزل عليه، والأمر هنا ظاهر لا يحتاج إلى بيان. ثم ختم كلامه قائلاً: أحب أن أكذب البخارى، من أن أنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه سحر" (٤) .

ويجاب عن الشبه السابقة بما يلى:


(١) الآية ٨ الفرقان.
(٢) الآية ٢١٢ الشعراء.
(٣) الآية ٩ الجن.
(٤) تفسير جزء عم ص١٨٠ – ١٨٣،وينظر: مجلة المنار المجلد ١٢/٦٩٧، والمجلد ٢٩/١٠٤، وغيرهم ممن ذكرهم عبد المجيد محمد صالح فى كتابه: صواعق الحق المرسلة على الجنيين والكهان والسحرة ص١٢٠ – ١٦٥.

<<  <   >  >>