للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: إن الحديث صحيح، وثابت بأصح الأسانيد فى أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل فقد رواه الشيخان فى صحيحهما، ولا يصح لنا أن نقول بصدق البخارى ثم نكذب شيوخه، فإن ما يجرى على شيوخه، يجرى عليه، ولا يصح لنا أن نكذب البخارى وروايته، اعتماداً على رأى ليس له من حظ فى توثيق الأخبار، وإقرار الحقائق من قريب أو بعيد، ولو أننا سلمنا جدلاً بصدق معطيات العقل، لأتينا على كثير من السنة، بل وعلى كثير من آيات القرآن الكريم نفسه (١) .

ثانياً: قول الإسناد الإمام: بأن الحديث على فرض صحته فهو آحاد، والآحاد لا يؤخذ بها فى باب العقائد، لأنها لا تفيد إلا الظن، قول غير صحيح، لأن الحق الذى ترجحه الأدلة الصحيحة، أن الحديث الصحيح، مقطوع بصحته، ويفيد العلم اليقينى النظرى، سواء كان فى أحد الصحيحين أم فى غيرهما، وهذا العلم اليقينى نظرى برهانى، لا يحصل إلا للعالم المتجر فى الحديث العارف بأحوال الرواة والعلل، المميز بين صحيحه وسقيمه، وغثه وثمينه، وأصيله ودخيله، أما من ليس من أهل هذا الشأن، فإن هذه القرائن ولو كثرت، لا تفيدهم علماً، فمثلهم لا يعتد به فى هذا المقام، ولا تبنى عليه هنا الأحكام (٢) .

... هذا مع العلم بأن التفرقة بين العقائد والأحكام فى العمل بخبر الواحد، لا تعرف عن أحد من الصحابة، ولا عن أحد من التابعين، ولا من تابعهم، ولا عن أحد من أئمة الإسلام، وإنما تعرف عن رءوس أهل البدع ومن تبعهم.


(١) ينظر: السنة النبوية بين دعاء الفتنة وأدعياء العلم للدكتور عبد الموجود عبد اللطيف ص٢٣٩.
(٢) ينظر: اختصار علوم الحديث لابن كثير بشرح الباعث الحثيث للأستاذ أحمد محمد شاكر ص٣٠، ومقاصد الحديث فى القديم والحديث للدكتور مصطفى التازى ٢/٥٥.

<<  <   >  >>