للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: الزعم بأن الحديث يحط من منصب النبوة، ويشكك فيها، وفى عصمة الأنبياء، وأن تجويزه يمنع الثقة بالشرع، هذا الذى ادعاه هؤلاء المبتدعة باطل؛ لأن الدلائل القطعية قد قامت على صدقه وصحته، وعصمته فيما يتعلق بالتبليغ، والمعجزة شاهدة بذلك، وتجويز ما قام الدليل بخلافه باطل (١) .

ثانياً: أن سحر الرسول صلى الله عليه وسلم، يرفع من مقام النبوة وشرفها، ولا يحط من شأنها، ولا يتعارض مع عصمته صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن معصوماً من الأمراض، فلقد كان يأكل، ويشرب، ويمرض، كما قالت عائشة رضى الله عنها "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجلاً مسقاماً، وكان أطباء العرب يأتونه فأتعلم منهم" (٢) وكانت تجرى عليه كل النواميس المعتادة التى أودعها الله فى ولد آدم، وليس فى السحر على الهيئة الواردة ما ينقص من قدره وعصمته كإمام لسائر الأنبياء والمرسلين، مادام السحر على قواه البدنية (٣) .

... قال القاضى عياض: "وقد جاءت راويات هذا الحديث مبينة أن السحر إنما تسلط على جسده، وظواهر جوارحه، لا على عقله وقلبه واعتقاده، ويكون معنى قوله فى الحديث: "حتى يظن أنه يأتى أهله ولا يأتيهن" ويروى: "يخيل إليه" بالمضارع كلها: أى يظهر له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة عليهن، فإذا دنا منهن أخذته أخذة السحر فلم يأتهن، ولم يتمكن من ذلك كما يعترى المسحور.


(١) المنهاج شرح مسلم للنووى ٧/٤٢٩ رقم ٢١٨٩.
(٢) أخرجه الحاكم فى المستدرك ٤/٢١٨ رقم ٧٤٢٦ وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبى صحيح على شرط البخارى ومسلم.
(٣) يراجع ما سبق فى المراد بعصمته صلى الله عليه وسلم فى بدنه ص٨٠ - ٨٢، وينظر: السحر والسحرة والوقاية من الفجرة لتاج الدين نوفل ص٢٩، ٦٣، ٦٤.

<<  <   >  >>