للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ومن الناس من كره النشرة على العموم، ونزع بحديث خرجه أبو داود مرفوعاً "هو من عمل الشيطان" (١) .

... قال الحافظ ابن حجر: "ويجاب عن الحديث، بأنه إشارة إلى أصلها، ويختلف الحكم بالقصد، فمن قصد بها خيراً كان خيراً، وإلا فهو شر" (٢) وقال الإمام السهيلى: النشرة من عمل الشيطان، هذا والله أعلم فى النشرة التى فيها الخواتم والعزائم، وما لا يفهم من الأسماء العجمية (٣) .

... وبعد: فإن حديث سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يتعارض مع عصمته صلى الله عليه وسلم ولا يشكك فى النبوة، كما أنه لا يمثل ثغره فى السنة والسيرة العطرة، وإنما يمثل نقطة مشرقة، إنه سحر، لكنه لم يخرج عن دائرة الصواب، بل كان فى أعلى درجات الاستقامة والهداية، وهذا يدل على أن السحر لم يؤثر فى قواه صلى الله عليه وسلم العقلية، ولا فى درجته الإيمانية، وإنما كان مؤثراً فى أداء الجسم، وهذا لا علاقة له بالرسالة والوحي، والعصمة، ومع أنه أمر جسدى، فإن الرعاية الإلهية قد شملته، وتولاه الله بالحفظ، وسلمه سبحانه وشفاه، بعد أن أطلعه عز وجل على المكيدة التى صنعها له لبيد بن الأعصم فى السحر، فذهب إلى حيث قد طوى الرجل أمشاطه، وأسباب سحره، فأبطل صلى الله عليه وسلم كل ذلك.


(١) أخرجه أبو داود فى سننه كتاب الطب، باب النشرة ٤/٦ رقم ٣٨٦٨، وأحمد فى مسنده ٣/٢٩٤ من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه، وحسن إسناده الحافظ فى فتح البارى ١٠/٢٤٤ رقم ٥٧٦٥.
(٢) فتح البارى ١٠/٢٤٤ رقم ٥٧٦٥.
(٣) الروض الأنف ٢/٣٧٣.

<<  <   >  >>