للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فلهذا كان النبى صلى الله عليه وسلم يعنى بإبلاغ السنة كما يعنى بإبلاغ القرآن، بل إن إبلاغه السنة كان أوسع دائرة من حيث إنه لا يمضى عليه حال من الأحوال، إلا وهو محتاج إلى أن يبين ما يستجد فيه من حكم أو موعظة أو قصة أو مثل، إذ القرآن يعنى بجوامع الأمور، وأصول التشريع، وقواعد الأحكام، ويتولى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان دقائق الأخبار وتفاصيل الأحوال فى كل الأحيان والأحوال، بل غالبه مجمل أوكل الله بيانه إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} (١) وقد كان عليه الصلاة والسلام يبين القرآن الكريم على الدوام، والدليل على هذا محسوس ملموس؛ إذ هذه سنته صلى الله عليه وسلم التى بلغت مئات الآلاف من الأحاديث، والمدونة فى دواوين السنة، لم تترك صغيرة ولا كبيرة من أمر الدين إلا وتناولتها بالتفصيل والبيان، حتى بلغ من بيانه صلى الله عليه وسلم، أن أخبر أصحابه بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة.

... فعن عمرو بن أخطب الأنصارى رضى الله عنه (٢) قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً الفجر، وصعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان، وبما هو كائن إلى يوم القيامة، قال: فأعلمنا أحفظنا" (٣) .


(١) الآية ٤٤ النحل.
(٢) صحابى جليل له ترجمة فى: أسد الغابة ٤/١٧٧ رقم ٣٨٥٤، والاستيعاب ٣/١١٦٢ رقم ١٨٨٩، وتجريد أسماء الصحابة ١/٣٩٩، والرياض المستطابة ص٢٣٧.
(٣) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الفتن، باب إخبار النبى صلى الله عليه وسلم فيما يكون إلى قيام الساعة ٩/٢٤٣ رقم ٢٨٩٢.

<<  <   >  >>